سلة مشترياتك فارغة في الوقت الحالي!

بُرهان شاوي وسلسلة روايات “المطهر”
لقاء أجراه الكاتب والإعلامي رامي فارس الهركي لصالح قناة زاكروس
برهان شاوي: أعرف، بشكل شخصي، كل شخصياتي الروائية، وفي جميع رواياتي. إما أعرفهم وجها لوجه أو من خلال التواصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو عبر التواصل الهاتفي، او من خلال الذاكرة لكن عبر معرفة قريبة وحضور فاعل.
• الدفاتر هي تقنية قديمة في السرد الروائي والتاريخي. ولو رجعنا للتراث الإنساني فالملاحم السومرية والأكادية والبابلية والآشورية والأوغاريتية هي دفاتر طينية ورُقم. والحضارة المصرية وصلتنا عبر ورق البردي.
• عند دانتي في (الكوميديا الإلهية) رحلته عبر الجحيم والمطهر وصعودا إلى الفردوس تستغرق سبعة أيام فقط، أما (المطهر) عنده فيمتد من اليوم الثالث إلى الخامس. لكنها عندي لعشرات السنين. تناصي مع (جحيم) دانتي أخذ مني عشر سنوات من الكتابة اليومية!
• الأفعى هي الرمز الأسطوري الأكثر انتشارا في ذاكرة البشر والحضارات المختلفة. ودلالتها ورمزيتها مختلفة ومتناقضة، فهي من جهة رمز للخير والحكمة والخصوبة والتجدد، ومن جهة أخرى هي رمز للشر والمكر والانتقام.
• الجنس دائما كان موجودًا في معظم روائع الأدب العالمي، خذ مثلا ملحمة (الإلياذة) فهي مبنية على فعل جنسي هو هروب هيلينا مع بارس إلى طراوادة. وخذ (ألف ليلة وليلة)، فهي أصلا مبنية على حكاية جنسية ومليئة بالجنس المكشوف كما في نسخة بولاق.
لقاء اجراه الكاتب والإعلامي رامي فارس الهركي لصالح قناة زاكروس
مرة أخرى يحلق بنا الكاتب والروائي العراقي برهان شاوي في عوالمه المرئية وغير المرئية وبين المعقول واللامعقول لنسافر معه نحو عوالم جديدة، عوالم تمتزج فيها الأرواح بالخطيئة للأوادم عبر سلسلة روايات (المطهر) والتي كان قد صدر منها “فندق باب السماء” و “مطهر الخطايا المقدسة” و “مملكة الموتى الأحياء” و “قداس جنائزي لزهرة اللوتس” و “كوبرا معبد الخطيئة” و “في البدء كانت الخطيئة” و “القلب في عتمته المضيئة” وآخرها “منزل الإخوة الأشباح”. وذلك أن حقق حضورا لافتا على الساحة بعد صدور سلسلة “المتاهات”.
برهان شاوي شاعر ومترجم وأكاديمي وسينمائي وإعلامي ومسرحي، أسس فرقة مسرحية مع عدد من الممثلين الأجانب، فأخرج لهم من 1991 وحتى 1995 عددا من المسرحيات. كما أخرج عددا من الأفلام الروائية والتسجيلية القصيرة، وكتب السيناريو والنقد السينمائي. غادر العراق عام 1978 ليستقر في ألمانيا منذ 1986. درس السينما في موسكو بين عامي 1980 و1986 والإعلام في ألمانيا، ثم التاريخ والعلوم السياسية في جامعة موسكو الدولية لعلوم الاجتماع في روسيا.
في هذا الحوار نسلط الضوء على عدد من الأسئلة التي ربما ترد للقارئ الذي يبحر في عوالم برهان شاوي سواء في سلسلة (المتاهات) أو سلسلة (المطهر)
س 1 : شخصية في المطهر تود لقاءها على أرض الواقع؟ ولماذا
ج 1 : في الحقيقة أنا أعرف، بشكل شخصي، كل شخصياتي الروائية، وفي جميع رواياتي. إما أعرفهم وجها لوجه أو من خلال التواصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو عبر التواصل الهاتفي، او من خلال الذاكرة لكن عبر معرفة قريبة وحضور فاعل. لكن بعض الشخصيات هي أبعاد لي، لذا من بين شخصيات (المطهر) أتمنى رؤيتهم كلهم ، لكن أود أن ألتقي شخصية الدكتور آدم السيد. أما لماذا؟ فلأن آدم السيد هو أحد تجسيداتي وأقنعتي، وهو الراوي العليم، لأنه يتمرد علي قناعاتي الشخصية ورؤيتي للأشياء ولسير الأحداث.
س 2 : ما حكاية الدفاتر التي تنهال على آدم السيد، ولماذا السيد بالذات؟
ج 2 : الدفاتر هي تقنية قديمة في السرد الروائي والتاريخي. ولو رجعنا للتراث الإنساني فالملاحم السومرية والأكادية والبابلية والآشورية والأوغاريتية هي دفاتر طينية ورُقم. والحضارة المصرية وصلتنا عبر ورق البردي، وقد وجدت في قبور الفراعنة والشخصيات البارزة في الحضارة المصرية ملفات ومخطوطات وبرديات، وكذا في الحضارة الهندية وغيرها.
أما لماذا تنهال المخطوطات على الدكتور آدم السيد فالسبب لأنه أستاذ متخصص وخبير في علم الخطوط أو دراسة الخطوط (الجرافولوجي)، فمنذ الرواية الأولى (مملكة الموتى الأحياء) في سلسلة (المطهر) يحضر الدكتور آدم السيد كمتخصص في دراسة الخطوط، وقد وصلته من خلال عملية التحقيق في كشف هوية الجثة المجهولة التي وجدت في (فندق باب السماء) من خلال الدفاتر التي جاءت بها النساء الثلاث، وكذلك مخطوطة شخصية مهمة هي (آدم بهاء الدين) الذي سافر في فترة كورونا إلى الهند وعاد بثلاث مخطوطات لكاتب عراقي عاش في حيدر آباد هو (آدم المنفي)، وفي إحدى المخطوطات رواية عن مغارة الجن التي فيها تسع مخطوطات، وهكذا هي تقنيات السرد في (كليلة ودمنة) و(ألف ليلة وليلة) حيث كل حكاية رواية تقود إلى حكاية أخرى.
س 3 : هل رحلة العودة نحو المطهر ستستغرق طويلا؟
ج 3 : عند دانتي في (الكوميديا الإلهية) رحلته عبر الجحيم والمطهر وصعودا إلى الفردوس تستغرق سبعة أيام فقط، أما (المطهر) عنده فيمتد من اليوم الثالث إلى الخامس. لكنها عندي صدرت أولى روايات (المطهر) في العام 2021 وستستمر إلى أن أنهي الرواية التاسعة من سلسلة (المطهر).
س 4 : ما هو السبب وراء الظهور المتكرر للأفاعي في سلسلة المطهر؟
ج 4 : الأفعى هي الرمز الأسطوري الأكثر انتشارا في ذاكرة البشر والحضارات المختلفة. ودلالتها ورمزيتها مختلفة ومتناقضة، فهي من جهة رمز للخير والحكمة والخصوبة والتجدد، ومن جهة أخرى هي رمز للشر والمكر والانتقام.
في ملحمة كلكامش الأفعى هي التي تأكل زهرة الحياة التي جاء بها كلكامش بعد رحلته الصعبة، لذا هي تجدد جلدها وتنبعث بشكل متجدد سنويا.
في الأديان الإبراهيمية الأفعى ملعونة، لأنها أغوت آدم وحواء. لكن في الحضارة المصرية تم تقديس الأفاعي، بل هناك آلهة أفاعي تعبد، وعندهم أن الأفعى أو الإله الأفعى كان يمنع الشمس من الشروق، لذا كانت من طقوسهم بأن يصنع الناس أفاع من الشمع ويلقونها في النار كي تذوب ولكي تشرق الشمس. وفي كتاب الموتى والبرديات المصرية هناك أدعية للأفاعي، وهناك إله أفعى للخير وإله أفعى للشر.
الحضارة الهندية قدّست الأفاعي أيضا، وعندهم الأفعى ارتبطت بالإله (فشنو) الذي يُجسد وهو نائم على أفعى عملاقة ملتفة لتحرس المياه السرية الأولى للخلق. الحضارة الصينية طورت تجسد الأفعى وجعلتها تطير من خلال (التنين).
في التحليل النفسي الفرويدي وما بعد الفرويدي أخذت الأفعى دلالتها ورمزيتها الجنسية. فهي ترمز لدى فرويد للعلاقة الجنسية وللقضيب بالتحديد..أما عند غوستاف يونغ فهي رمز للحكمة والطريق الملتوي للوصول إلى الهدف، كما أنها تجسد التناقض بين الوعي والغريزة. في أعمالي الروائية هي مجموع كل هذه الرموز الأسطوية، لكني أميل للتفسير الفرويدي وما بعد الفرويدي.
س 5 : ما الذي يكمن وراء شخصية حواء هاوزر؟
ج 5 : لا شيء، حواء هاوزر كانت شخصية إشكالية تتأرجح بين التحفظ والتحرر، بين الدين والفن، بين رغبتها الفنية وتحفظها الديني، وانحازت للتحفظ واختفت من سير الأحداث. وعادة أنا أمنح شخصياتي حريتهم المطلقة في تقرير أفعالهم وتجسيد إرادتهم.
س 6 : ما الذي دفع بدانتي بوضع شخصيات مستقيمة في الجحيم ومنهم الفيلسوف ابن رشد؟
ج 6 : دانتي لم يضع ابن رشد في الطبقة الأولى من الجحيم (اللمبو) فقط، وإنما وضع ابن سينا وصلاح الدين الأيوبي وكل فلاسفة اليونان الإغريق الذين عاشوا قبل ظهور المسيحية. وهذا يكشف عن تعصب دانتي.
آخر المقالات
- قراءة في رواية “في المطار أخيراً” – بقلم نصّار يحيى
- قراءة في رواية “في المطار أخيراً” – بقلم طارق بنات
- بُرهان شاوي وسلسلة روايات “المطهر” – لقاء أجراه الكاتب والإعلامي رامي فارس الهركي لصالح قناة زاكروس
- قراءة في “رشقة سماء تنادم قلب العابر” – بقلم صبري رسول
- قراءة في “رشقة سماء تنادم قلب العابر – بقلم إبراهيم محمود


